ولد في البصرة بالعراق طفلاً سيكون له شأنٌ كبير، وسيصبح لأفكاره تأثيرٌ في العالم كله
إنه الحسن بن الهيثم البصري الذي جاء إلى الدُنيا عام ٣٥٤ هجريًا.
وكعادة أغلب العلماء لم تكن طفولته طفولة عادية؛ عندما كان في ريعان طفولته بينما كان ابناء جيله يلعبون كان فِكر الحسن مشغولاً فكيف يرى العصا في الهواء مستقيمة وعندما يضعها في الماء يراها مكسورة ، و وضعها في ملحوظاته ؛ كان يشعر بمتعة عندما يتعلم ويبحث عن إجابات الأسئلة التي تشغله؛ عكس الأطفال في هذا الوقت كانوا الأطفال يميلون للعب.
وكان أيضا يشغل تفكيره هل القمر مضيء أم لا..؟
فسأل صديقه : ذات مرة هل القمر مُضيء ؟
فأجاب صديقه : نعم بالطبع.
فقال له الحسن :لما لا نراه بوضوح في النهار
فقال صديقه : لأن ضوء الشمس أقوى بكثير من ضوءه
فقال الحسن : لو أضاءت شمعة صغيرة وكبيرة سترى ضوء الشمعتين.
استمر الحسن في تحصيل العلوم طفلاً وصبياً وشاباً ، كلما تقدم في العمر ازدادت رغبته في تحصيل المزيد والمزيد من المعارف والعلوم ،و لم يكن من الممكن أن يمضي وقته كُله في تحصيل العلم فقط ، فقد كان لابد له أن يعمل ؛ فكان الحسن يعمل في ديوان المدينة.
وقد عزم الحسن بن الهيثم على القيام بتجربة عن الضوء ليثبت أن الضوء يسير في خطوط مستقيمة فأحضر شمعة وثلاث عوازل بها ثقوب ومُستَقبِل للضوء فقام بوضع الثلاث عوازل على نفس المستوى فظهر الضوء على المُستَقبِل وعندما حرك أحد العوازل فلم يظهر الضوء على المُستَقبِل مما أثبت أن الضوء يسير في خطوط مستقيمة وأنهُ لا ينتشر دون نظام في كل مكان بل يسير في خط مُستقيم مِن مصدره حتى يصل إلى الجسم الذي ينعكس عليه.
وقال أنت لا تراني لأن عينك تُصدِر الضوء فتراني بل تراني لأنيّ أعكس الضوء الواقع عليّ .، ومن هنا قد وجد الحسن إجابة لسؤاله عن القمر مضيء أم لا ؟ ، وأثبت أن القمر ليس مُضيء وأنهُ عكس أشعة الشمس فتراهُ مُضيء.
سعي ابن الهيثم
لم يكتفي الحسن ابن الهيثم لِما توصل إليه مِن العلم فقرر السعي وتحصيل المزيد من العلوم فسافر في طلب العلم وتنقل في أرجاء الدولة الإسلامية ، ولأنه عاش في فترة مزدهرة ظهر فيها كبار العلماء في الفلسفة والطب والكيمياء والرياضيات ، وقد أقبل على هذه العلوم بهمة وعزيمة ، وقرأ كل ما وقع عليه مِن كُتب ثم قام بتلخيصها ووضع رسائل في موضوعات تلك العلوم حتى ملأت شهرته الآفاق ووصلت هذه الشهرة إلى الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله ،وكان الحسن بن الهيثم بارعًا في الهندسة، ز دائم المحاولة في البحث في كل المعارِف والعلوم وهو أول من قال أن الهندسة والحساب مهمان في البناء .
وقد أمر الحاكم بأمر الله أن يأتي الحسن بن الهيثم إليه وسافر الحسن بن الهيثم إلى مصر ، وعندما وصل استقبله الحاكم بأمر الله استقبالاً مهيباً ، وعامله بكرم بالغ .
أول من أقترح أن يقوم بفكرة بناء سد في جنوب مصر ليحافظ على المياه
فكان له نظرية لنهر النيل تحافظ على النيل وقت الفيضان والجفاف، وقال أنه عندما يفيض الماء نحجزه عند السد ، وعندما يجف نفتحُ السد ويتدفق ما جمعناه من الماء وراءهُ ليزيدَ منسوبُ المياه.
وسافر الحسن بن الهيثم إلى جنوب مصر وعاين الموقع ولكن لم يستطع تنفيذ نظريته لكِبر مساحة نهر النيل وتدفق المياه ولكن كان متأكد من صحة نظريته .
وقع العالم الكبير الحسن بن الهيثم في مأزق وقد غضب الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله لأنه لم يستطع بناء السد ، وكانت نتيجة غضبه تعيين بن الهيثم في وظيفة لا تناسبه في ديوان الدولة ، وأصبحت هذه الوظيفة تشغل وقته كله ،فلم يعد يتمكن من الاهتمام بالعلم ونظرياته ، ولأن الحاكم بأمر الله معروف ببطشه و مزاجه المتقلب ، لم يتمكن بن الهيثم من الاعتذار عن قبول هذه الوظيفة .
ولكن ابن الهيثم فكر في حيله تعفيه من العمل في ديوان المدينة دون أن يغضب الحاكم بأمر الله ، فقد ادعا الجنون.،و وصل خبر جنونه للحاكم بأمر الله ، وأمر الحاكم بأمر الله بأن يتم تعيين حُراس على منزل الحسن بن الهيثم ، وصادر أمواله، وعزله في منزله مانعاً إياه من الخروج ، ولكن الحسن بن الهيثم أستغل هذه العزلة لمزيد من التأمل وصفاء البال ، وعندما كان في العزل و رأى خيال الحارس على الجِدار، فتوصل على انعكاس الخيالات المقلوبة ودونها في ملحوظاته وقال أن الصور يمكنها أن تنتقل من مكان إلى آخر .
و أنتهت فترة عزل الحسن بموت الحاكم بأمر الله الذي أمر بعزله ،وأختار الحسن منزلاً قريباً مِن جامع الأزهر ؛ أقام هناك ما بقي له من العمر يبحث ويجرب ويؤلف وتوصل إلى الكثير من النظريات في الفلك والطب والبصريات والهندسة ، وظل منشغلاً بالعلم حتى وفاته عام ٤٣٠ من الهجرة .
وكان بن الهيثم سابقًا لعصره فقد تحققت نظريته في بناء سدٍ على النيل ولكن في زمن سمحت فيه أدوات البناء بذلك ، كما كانت نظريته في الضوء وانعكاس الخيالات مُقدمةً لصناعة الكاميرا الفوتوغرافية .
وكان دائما يقول سعيت دوماً إلى المعرفة والحقيقة وآمنت بأني أتقربُ إلى الله و يجبُّ أن أفيد البشرية بما عرَفتهُ من علوم ومعارف
اللهُمّ زِدنيّ عِلمًا وأنفعنيّ بِما علمتنيّ وأجعل ما علمتني نفعاً كبيراً..
هذه مجموعة من مؤلفات ابن الهيثم نعرِضُها فيما يلي :
1-كتاب المناظر
2-اختلاف منظر القمر
3-رؤية الكواكب
4- على ما في الرصد من الغلط
5-أصول المساحة
6-أعمدة المثلثات
7-المرايا المحرقة بالقطوع
المراجع
مسلسل علماء المسلمين للكاتب تامر محمد عبدالحميد .
ريم طارق خماش